تحت القائمة

من زلزال الحوز إلى البرنابيو.. قصة إنسانية تهز العالم

✍️ عادل أسگين / تطواني

في عالم تقاس فيه الأندية الكبرى بعدد الكؤوس والألقاب، يطل نادي ريال مدريد بوجه آخر، وجه إنساني يجعل منه أكثر من مجرد فريق لكرة القدم؛ بل مؤسسة عالمية تحمل على عاتقها رسالة أعمق مفادها أن الرياضة قادرة على تضميد جراح المآسي الإنسانية.

قصة الطفل المغربي عبد الرحيم أوحيدا، أحد الناجين من زلزال الحوز، لم تعد مجرد مأساة شخصية، بل تحولت إلى رمز عالمي للتعاطف والتضامن. الطفل الذي فقد والديه وأفراد أسرته، وجد نفسه أمام عملاق الكرة العالمية، لا باعتباره مشجعا عاديا، بل باعتباره إنسانا يحتاج إلى بارقة أمل تعيد له الثقة في الغد.

ريال مدريد، أكبر وأعرق ناد في تاريخ اللعبة، فتح أبوابه أمام عبد الرحيم، استقبله بين جدرانه، وخصه بشرف إعطاء ضربة البداية في مباراته أمام إسبانيول برشلونة. لحظة تجاوزت حدود المستطيل الأخضر لتصبح رسالة قوية إلى العالم: «نحن لا ننسى من يعشقنا، حتى في أقسى الظروف».

وقد أشارت صحيفة ماركا الإسبانية إلى أن هذه المبادرة تجسد «القيمة الإنسانية لناد يعرف جيدا أن عظمته لا تقاس فقط بعدد البطولات، بل أيضا بالقدرة على ملامسة قلوب من يحبونه في أقسى اللحظات». أما صحيفة آس فكتبت معلقة: «ريال مدريد يثبت مرة أخرى أنه مؤسسة تتجاوز حدود الرياضة، حين يجعل من طفل عاش المأساة بطلًا في ليلة برنابيو».

قد يعتقد البعض أن نجاح الأندية يقاس بعدد البطولات، غير أن المبادرات الإنسانية هي التي تمنحها شرعيتها الأخلاقية ومكانتها في قلوب الملايين. وقد أثبت ريال مدريد، مرة أخرى، أنه ليس مجرد ناد يسعى وراء الألقاب، بل مؤسسة قادرة على صناعة الأمل حيث يظن الناس أن كل شيء قد انتهى.

هذه المبادرة تحمل بعدا آخر لا يقل أهمية، إذ تجسد القوة الناعمة للرياضة باعتبارها أداة لصناعة الصورة الإيجابية للدول والشعوب. فحين يمد ريال مدريد يده إلى طفل مغربي من عمق الأطلس، فإنه يرسخ في أذهان الملايين صورة عن المغرب كبلد يصنع من مآسيه قصص أمل، وعن إسبانيا كقوة رياضية عالمية تستثمر في الإنسانية بقدر ما تستثمر في البطولات.

إنها رسالة إلى العالم بأسره. الرياضة حين تتجرد من الحسابات المادية وتلتفت إلى الإنسان تتحول إلى جسر حضاري وثقافي بين الشعوب، وقوة ناعمة تعيد رسم البسمة على وجه طفل عاش مأساة. ومن مدريد، أرسل «الميرينغي» رسالة صادقة إلى كل العالم ” الإنسانية أكبر من كل البطولات “.

تحت المقال