تحت القائمة

مجلس العدوي .. هل ينقذ المغرب التطواني من أسئلة الديون ؟

افتتاحية / عماد بنهميج

رغم تاريخه العريق ومكانته المرموقة في الذاكرة الرياضية المغربية، يعيش نادي المغرب التطواني واحدة من أكثر فتراته قتامة، بعدما تحولت الأزمة المالية إلى مرآة تعكس خللا بنيويا في التسيير والمساءلة أكثر مما تعكس ضائقة ظرفية. فالفريق الذي طالما مثّل هوية مدينة بأكملها، يجد نفسه اليوم مثقلا بمطالب الديون والدعاوى القضائية، ومحاطا أيضا بغموض يثير أكثر من علامة استفهام.

على مدى عشرين عاما، لم يكن النادي يفتقر إلى الدعم. فقد تدفقت عليه منح الجامعة الملكية والجماعات الترابية، إضافة إلى دعم مؤسسات عمومية ومداخيل الإشهار والرعاية. غير أن النتيجة الصادمة اليوم هي ملايين الدراهم من الديون، دون أن تتضح للرأي العام الصورة الكاملة حول كيفية تدبير تلك الموارد.

من جهة أخرى، تشير معطيات متداولة إلى أن شركات كانت مملوكة أو مرتبطة برؤساء سابقين استفادت من عقود إشهار على أقمصة الفريق، ما يستدعي بدوره تحقيقا شفافا حول قيمة تلك العقود وكيفية استفادت النادي من عائداتها ومدى التزامها أيضا بمبدأ تكافؤ الفرص بين المعلنين، خصوصا عندما تكون العلاقة بين الطرفين (النادي والمعلن) ذات مصالح متشابكة.

لكن الأخطر من ذلك، هو أن بعض هذه الديون تحولت إلى ورقة تستعمل أحيانا للضغط على المكتب الحالي، خاصة في خضم الجدل الدائر حول استقالة المكتب من عدمها، والدعوات المتزايدة إلى انتخاب رئيس جديد خارج الجدول الزمني القانوني. بهذا المعنى، لم تعد الأزمة مجرد أرقام في دفاتر المحاسبة، بل أصبحت أداة صراع على السلطة داخل النادي، ما ينذر بتفاقم الانقسام وتعميق فقدان الثقة لدى الجمهور.

وفي خضم هذا السياق، لا يمكن تجاهل أن الدعم العمومي الذي يتلقاه النادي هو في نهاية المطاف مال عام مصدره ميزانيات الدولة والجماعات الترابية، أي من جيوب دافعي الضرائب. ومن ثم، فإن الأموال التي تصرف في هذا الإطار يجب أن تخضع للمراقبة والمساءلة الدقيقة. فتمويل الرياضة لا ينبغي أن يتحول إلى صندوق غامض بلا محاسبة، بل إلى نموذج للشفافية في تدبير المال العام وتحقيق المصلحة المشتركة.

اليوم، يبدو واضحا أن الحل لم يعد ممكنا من داخل أسوار النادي وحدها. فالمطلوب هو تدخل المجلس الأعلى للحسابات لإجراء تدقيق شامل في مالية ومعاملات الفريق خلال العقدين الماضيين. ليس بهدف الإدانة أو الانتقام، بل من أجل إعادة بناء الثقة وتكريس ثقافة الشفافية التي يطالب بها جمهور واع لم يعد يقبل التبريرات الجاهزة.

إن الشفافية ليست رفاهية، بل شرط أساسي لإنقاذ النادي وإعادة الثقة إلى جماهيره التي سئمت من الغموض والتبريرات الجاهزة. الكرة الآن في ملعب المؤسسات الرقابية، قبل أن يضيع الفريق بين ديون الأمس وأسئلة الغد.

تحت المقال