تفصلنا أيام قليلة عن الدخول المدرسي للسنة الجديدة 2024 / 2025. تحد جديد أمام الأسر الفقيرة والمعوزة لتوفير السيولة المالية لتغطية تكاليف التسجيل المرهق والكتب واللباس وباقي المستلزمات الأخرى بعد معاناة كبيرة مع عيد الأضحى ومتطلبات فصل الصيف على الرغم من أن الغالبية العظمى لهذه الأسر لا تبرح مكانها إلا مع نهاية الأسبوع لتقصد الشواطئ القريبة.
جماعة تطوان قد تكون حطمت الرقم القياسي على المستوى الوطني من حيث دعم المهرجانات الفنية والثقافية هذه السنة، والتي استنزفت من موازنتها العامة حصة كبيرة على الرغم من وجود تحديات أكبر على مستوى الشق الاقتصادي والاجتماعي الغائب تماما عن برنامج المكتب المسير الذي يرأسه التجمعي مصطفى البكوري. الأحياء الققيرة والمهمشة والأسر التي تقطنها تكون عادة المستهدفة خلال الحملات الانتخابية وهي الفئة الأكثر مشاركة وتصويتا، لكن سرعان ما ينتهي دورها مع الإعلان عن النتائج ويتم تغييبها عن الساحة وركنها في جانب التهميش وعدم الاهتمام.
مناسبة هذا الحديث هو وضع مقارنة بين الدعم السخي الذي تقدمه جماعة تطوان للمهرجانات الفنية وبعض الأنشطة الثقافية ودعم جمعيات محسوبة على الأحزاب السياسية ذات الغطاء الانتخابي في وقت لا نرى أي اهتمام او برامج أو نقاط مدرجة على جدول أعمال الدورات لدعم الأسر الهشة في المناسبات الهامة ونخص بالذكر هنا الدخول المدرسي.
لماذا لا تتحمل جماعة تطوان مسؤولية توفير اللوازم الدراسية لتلاميذ المدارس العمومية الواقعة ضمن نفوذها، كما هو معمول به في العديد من الدول ؟. هذا الإجراء لن يكون مكلفاً بشكل كبير، إذا ما قارناه بالسيولة المخصصة مثلا لمهرجان أصوات نساىية الذي يحصل على 200 مليون قي السنة الواحدة تصرف في ظرف أسبوع دون أن يحقق أية إضافة للمدينة اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا فضلا عن مهرجانات أخرى.
وإذا كان تعميم الدعم على جميع التلاميذ صعباً، فعلى الأقل يمكن توفير اللوازم الدراسية والمحفظة للتلاميذ المنتمين إلى الأسر الفقيرة في الأحياء الهشة في ظل الحديث عن إلغاء مبادرة مليون محفظة من طرف الحكومة المغربية وتعويضها بدعم مالي يعتقد الكثيرون أنه لن يغطي المصاريف الكاملة والحاجيات الأساسية لعدد كبير من الأسر في بداية الدخول المدرسي خاصة تلك التي تملك اكثر من طفل في مرحلة التمدرس الابتدائي.
الحس الاجتماعي الغائب والمغيب عن برنامج عمل جماعة تطوان كان بإمكانه ليس فقط تخفيف الأعباء المالية على الأسر المعوزة في الدخول المدرسي، ولكنه سيعزز أيضا من المساواة في فرص التعليم ويعطي صورة لجماعة مواطنة حقيقية وليس مجرد شعار يتخذه الحزب الحاكم للضحك على الناخبين والمواطنين. فتوفير اللوازم المدرسية للاسر الفقيرة ليس مجرد مسألة مالية، بل هو التزام أخلاقي واجتماعي تجاه الأجيال الصاعدة.
الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبلنا جميعاً، في حين أن المهرجانات الفنية لا تترك أثرا قبليا ولا بعديا، بل تزيد من تكريس الهوة بين الطبقات الاجتماعية وتؤسس لهدر المال العام على فنانين وفنانات مقابل وصلات غنائية معدودة الدقائق في وقت كان الأجدر أن توجه هذه الموارد نحو ما يخدم المجتمع بشكل أعمق وأكثر استدامة