مابين مبدأ مجانية الإستفادة من ملاعب القرب واستخلاص “الإتاوات” من طرف جمعيات محظوظة يجد شباب تطوان وأبناء الأحياء الهامشية أنفسهم مضطرين لتدبر مبالغ مالية تضخ في جيوب الجمعيات دون موجب قانوني.
ووفق الدورية الوزارية، سنة 2018 جرى تعميمها على المدراء الجهويين والإقليميين للوزارة بولايات وعمالات المملكة، بخصوص الاستفادة من خدمات المراكز الرياضية والملاعب سوسيو رياضية للقرب، بما في ذلك المسابح المغطاة التابعة لها فإن “ولوج مراكز الرياضة وملاعب القرب التابعة للوزارة الوصية أصبح مجانيا، ولم يعد مسموحا استخلاص الواجبات المنصوص عليها في القرار السابق؛ وذلك تحت طائلة المساءلة القانونية”.
المذكرة في واد والواقع شيء آخر يخالف ويتناقض كليا مع مضمونها، بل إن بعض الجمعيات المستفيدة من ريع ملاعب القرب، أصبحت تعتقد بكونها تمتلك هذه الفضاءات الرياضية مادام أنها مقربة من سلطات القرار. جمعيات أحياء تحولت بدون سند قانوني إلى جمعيات ذات منفعة عامة تستخلص الأموال من المواطنين حتى بدون تقديم أي وصل عن المبلغ المفروض ولا تتقدم أمام المجلس الجهوي للحسابات بتقرير مفصل عن ماليتها وطرق صرفها.
الوالي اليعقوبي وخلال فترة إدارته لشؤون عمالة وولاية تطوان، وبنية حسنة منه، عمد على تفويت تلك الملاعب بشكل غير مباشر لمندوبية الشبيبة والرياضة، بهدف تدبيرها من خلال جمعية أنشئت لهذا الغرض، من طرف موظفين في المؤسسة ذاتها في غالبيتهم، ودون تمثيلية لجمعيات الأحياء المعنية.
الترتيب الذي وضعه الوالي يعقوبي لتدبير تلك الملاعب، كان بهدف تدبيرها من طرف جهة لها تجربة في المجال، لكن يبدو أن من أسندت لهم أمور تلك الملاعب يمتلكون تجربة في أمور أخرى، وعلى رأسها كيفية استغلال تلك الملاعب لفائدتهم، وبطريقة عشوائية جدا بعيدة كل البعد عن الأهداف التي وضعت لأجلها. فجل تلك الملاعب تكترى بمبالغ تتراوح بين 120و 150 درهم للساعة، وغالبا ما تستمر لساعات متأخرة من الليل، بل حتى الساعات الأولى من الصباح، بمعدل لا يقل عن عشرة ساعات. فلنحسب إذن حجم المداخيل التي توفرها ” الدجاجة الذهبية ” شهريا وسنويا.
هذا ما أكده تقرير صادر عن وزارة الداخلية كشف أن أزيد من 1600 صفقة عمومية مفتوحة تخص ملاعب القرب، إذ وزعت 600 مليون درهم على الأقاليم التي أنشئت فيها تلك الملاعب دون محاسبة أو مراقبة، ومنحت الاعتمادات للمديرين الإقليميين لإرساء هذه التجهيزات ولم يقوموا بعملهم كما ينبغي، دون محاسبة.
الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية ” فادي وكيلي عسرواي ” في تدوينة سابقة على حسابة الشخصي بالفايسبوك طالب بفتح تحقيق في ملف ملاعب القرب والملاعب التابعة للشبيبة والرياضة بتطوان التي لا يستفيد منها الشباب إلا بعد أداء أثمنة خيالية تصل أحينا إلى 300 درهم للساعة الواحدة.
تتوفر تطوان على حوالي 37 ملعبا للقرب، معظمها تحت سلطة الدفع المسبق قبل أن تطأ أقدام الأطفال والشباب على البساط الأخضر البلاستيكي، وهو ما يفرض إيجاد صيغ وبدائل لطريقة تسييرها من خلال كناش تحملات بشروط واضحة تحافظ على جودة الملاعب وحمايتها من التخريب، ومن ناحية أخرى يتم كراؤها بثمن رمزي قصد توفير الحد الأدنى لتسييرها، ويتناسب مع القدرة المالية لشباب الأحياء الهامشية للاستفادة من هذه الملاعب.
كان الهدف الأساسي من إنجاز ملاعب القرب تحت يافطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هو تشجيع الشباب على ممارسة الرياضة. الأصل فيها هو المجانية، لتفادي إقصاء سكان الأحياء الهامشية، والشباب والأطفال الذين تعجز أسرهم عن دفع التكاليف المادية للتسجيل بنواد رياضية خاصة أو جمعيات تفرض مساهمات شهرية. لكن الهدف حاذ عن مساره بعد أن تحولت الملاعب إلى دجاجة تبيض ذهبا وسط صمت وحتى تواطئ من بعض المسؤولين الإداريين الذين يقتاتون من ورائها.
