تحت القائمة

قصة السبت .. امرأة وحيدة في المقهى

■ يوسف خليل السباعي

ربما، لم يحدث شيء، ولكن ثمة امرأة لا يعرف أحد إسمها تجلس وحيدة في المقهى. يبدو من النظرة الأولى إليها أنها تفكر، ولكنها وحيدة فقط. فنجان القهوة يذكرها بعلاقة غرامية قديمة أو برائحة البحر المالح أو بجسد رجل غريب، غامض، يخفي حزنا لا يمكن كشف خيوطه.

كان شعر المرأة الليلي منشور على صدرها كاشفا عن أصالة أو عذوبة أو فتنة.

يراها الناظر تترك ظلها خلف ظهرها ووجهها مفتوح كلحظة غروب شمس وهي تختفي في الأفق. ويراها أيضا وهي تضع يسراها على خدها رافضة أن تكون مثل الآخرين. تعيش وحدتها دون أن تجعل أحدا يستشعر ذلك.

امرأة هي بلا إسم كانت ذات يوم تسكن قلوبنا البيضاء، ولكنها غادرتها إلى أرض بعيدة. أرض لايسكنها لا الشياطين ولا الملائكة.

امرأة كظلها المسكوب في فنجان قهوتها بالرغم من وحدتها يسكن قط إدغار آلن بو الأسود عش صدرها، القط اللغوي، الخيالي، الذي لافرق بين لونه ولون الغراب.

لما اقترب منها النادل طالبا منها سداد مبلغ القهوة، سددت له المبلغ وغادرت المقهى دون أن تنبس ببنت شفة. كانت فقط تتضور من الجوع، ومن آلامه كادت تبتلع القط الأسود في معدتها دفعة واحدة.

● اللوحة للفنان التشكيلي يوسف الحداد

تحت المقال