قد يبدو لأول وهلة وبإيحاء مقصود من العنوان أن اللجنة المؤقتة التي يرأسها رجل الأعمال يوسف أزروال في طريقها للاستقالة أو قريبة من الإعلان عنها، لكن في الحقيقة من خلاله نحاول استقراء مصيرها على بعد دورتين من نهاية الموسم. تتعبنا خيوط الرسائل المشفرة التي بعثتها مؤخرا عبر ناطقها الرسمي زهير الركاني. بحثنا عن المعطيات والمعلومة الدقيقة، ووضعنا السيناريوهات المحتملة بناء على ما جاد به مقربون من اللجنة ومضطلعون على سير عملها وعارفون بخبايا وكواليس تدبير الأمور الرياضية عند سلطات القرار.
تساؤلات جوهرية وتمهيدية :
تعيش اللجنة المؤقتة لنادي المغرب أتلتيك تطوان لحظاتها وأنفاسها الأخيرة في ظل تساؤلات جوهرية حول استمراريتها في إدارة شؤون النادي. ولإزالة هذا اللثام الذي يكتنف مستقبلها لابد من العودة للبحث في نوعية أعضائها وكيفية اختيارهم من طرف السلطات المختصة لتدبير المرحلة الانتقالية بعد نهاية حقبة الغازي ومكتبه.
تقول مصادرنا، أن تجميع أعضاء اللجنة المؤقتة لم يكن اعتباطيا من طرف السلطات، بل وبإشراف تام من عامل تطوان السابق ووالي الجهة الحالي ” يونس التازي ” الذي كان يولي اهتماما كبيرا بنادي المغرب التطواني ومستقبله. وفي اجتماعات مكثفة وسرية كان يتداول بشأن من ستفوض لهم المسؤولية بعد استقالة الغازي لأن السلطات لا تقبل الفراغ ومن جهة عدم ترك الأمور للصدفة أو المفاجآت خلال الجمع العام. كان هناك هاجسين لدى السلطات، الأول قطع الطريق على الرئيس الأـسبق عبد المالك أبرون الغير مرغوب في عودته وثانيا مواجهة الغضب الجماهيري من مخلفات حقبة الغازي والذي كان حاضرا بقوة ولذلك تم انتقاء الأسماء الستة بدقة وعناية يرأسهم رجل الأعمال يوسف أزروال.
دعم مالي ومعنوي قوي من العامل ” يونس التازي ”
أعضاء اللجنة الذين تم انتقاءهم من طرف السلطات المحلية جمعت بين عناصر خبرة في التسيير الرياضي ( زيزيو، بنمخلوف ) وأخرى مصدر ثقة ( أزروال، الركاني، بلحداد، والعوداتي عن المنخرطين ) تمت تزكيتهم خلال الجمع العادي بعد استقالة المكتب المسير السابق وأعلنوا شروعهم في تدبير أمور النادي الانتقالية دون تحديد المدة الزمنية لفترتهم.
تقول مصادرنا أن مدة اللجنة كانت ترتبط بعملها وبما ستنجزه خلال الأشهر الأولى من توليها المهمة، ومن أجلها تم تخصيص دعم مالي كبير لمعالجة الإشكالات الكبيرة المتعلقة بديون المنازعات المترتبة بذمة النادي سواء لدى الجامعة الملكية لكرة القدم أو لدى الفيفا وذلك لرفع اسم النادي من قوائم المنع عن التعاقدات وتدعيم صفوف الفريق في الميركاتو الصيفي.
مسار ماراطوني قام به أعضاء اللجنة متنقلين بين تطوان ومقر العصبة الاحترافية بالرباط، بينما كان التواصل مفتوحا مع وكلاء لاعبين ومدربين أجانب لتدارك ديون الفيفا، لم يكن الأمر بالسهل والهين فقد واجهوا تعقيدات كبيرة داخل مكاتب العصبة الاحترافية ومنع النادي من رخص اللاعبين الجدد في مرات متعددة وصلت حد التهديد بخوص اعتصام مفتوح، ومع ذلك ورغم كل الإكراهات وحرمان 4 لاعبين من تراخيصهم نجحت اللجنة لحد كبير في تأهيل جميع اللاعبين المتعاقد معهم في الميركاتو الصيفي متسلحة بما وفرته السلطات من سيولة مالية عبر منح وهبات من رجال أعمال ومقاولين لم يبخلوا عن النادي في هذه الظرفية بالذات، إضافة إلى رفع جماعة تطوان من قيمة منحتها المالية التي تتم في إطار اتفاقية شراكة.
الهدف الأول : الحفاظ على مكانة بالدوري الاحترافي
كان يتعين على اللجنة وبعد حلها لعدد من ملفات المنازعات المرور للجانب التقني حيث تم القيام بمجموعة من التعاقدات وصلت 18 لاعبا جديدا. هذا الأمر فتح باب النقاش والتأويلات سريعا ولم يغلق بسبب ما اعتبره متتبعون لمسار النادي إعادة لسيناريو سياسة الغازي وإفراطا في جلب اللاعبين والتخلي عن عناصر أساسية كانت عماد الفريق في موسمي العودة للدوري الاحترافي والموسم الموالي مثل ( محمد كمال، الحسناوي، سعود، المرابط وآخرون منهم لاعبون شباب ).
مصادرنا المقربة من اللجنة، أكدت للموقع أن اللجنة استهدفت القيام بهذه التعاقدات من خلال عدة زاويا. أولها تجديد دماء الفريق والقطع مع بعض الأسماء التي كانت بمثابة المحرضة على الإضرابات والامتناع عن التداريب خلال الموسم الماضي. وتؤكد أن رؤية اللجنة كانت صائبة حيث لم يسجل أي حادث من هذا النوع خلال الموسم الرياضي الحالي. الزاوية الثانية تضيف المصادر، كانت تتعلق بمخاوف المنع من الانتدابات خلال مستقبل المواسم نظرا لوجود ملفات منازعات مازالت معروضة على الجامعة وكان لابد من تعزيز صفوف الفريق حتى لا يقع في دائرة الفراغ على مستوى التركيبة البشرية.
إجراءات اللجنة ساهمت في انطلاقة جيدة للفريق على مستوى الدوري الاحترافي تعتبر الأبرز خلال الخمس سنوات الماضية تحت قيادة المدرب العلوي الإسماعيلي الذي شاءت الظروف أن يتم الاستغناء عن خدماته لاعتبارات خارج الأمور التقنية وفي الغالب مرتبطة بغياب الانسجام مع اللاعبين داخل مستودع الملابس. ولتعويض إقالة الإسماعيلي تمت الاستعانة مرة أخرى بخدمات الحاج اجريندو الذي كانت عودته مطلبا جماهيريا صرفا استجابت له اللجنة وتحقق بفضله هدف البقاء في الدوري الاحترافي قبل نهايته بستة دورات وبدون معاناة كما كان يحدث في المواسم السابقة.
مصير اللجنة ورسائلها المشفرة
البلاغ الذي أصدرته اللجنة مؤخرا وتحث فيه الجماهير على العودة للمدرجات خلال مباراة ربع نهاية كأس العرش وإنهاء المقاطعة ” السلبية ” للفريق توحي أن الأمور المالية ليست بخير، خاصة في ظل المناورات التي يقوم بها الرئيس الأسبق عبد المالك أبرون الذي يسارع بالحجز على حسابات النادي كلما تناهى لعلمه وصول منحة مالية مهمة للفريق من أحد الجهات الداعمة.
يقول مصدر مقرب من اللجنة، أن الأخيرة تعلم علم اليقين بكون مداخيل الملعب في مباريات كأس العرش لا تسد حتى المصاريف المرتبطة به لأنها تقتسم بالنصف مع الفريق الزائر. كان الهدف من الدعوة لعودة الجمهور تحقيق غايتين. الأولى إعادة الدفء والاطمئنان للاعبين، وثانيا الدفاع عن حظوظ الفريق في التأهل لنصف النهاية لما يحققه ذلك من مكاسب مالية ستنعش خزينة النادي ومعنوية في رصيد عمل اللجنة.
مصادرنا وفي تحليل واستقراء وغوص في البلاغ، تؤكد أنه كان رسالة مشفرة بأن أعضاءها غير متحمسين للاستمرار سواء في صيغة المؤقت أو كمكتب مسير منتخب من طرف الجمع العام الذي ينتظر أن يعقد على الأرجح شهر يونيو المقبل حسب ما صرح به الناطق الرسمي زهير الركاني لوسائل الإعلام.
تصريح الناطق الرسمي تمت قراءته بكون مهمة اللجنة المؤقتة قد انتهت. أكد ذلك مرار وإن كان بشكل غير مباشر في حديثه عن تحقيق هدف البقاء في الدوري الاحترافي وشروع اللجنة في التهييء للجمع العام القادم خاصة وأن الموسم الكروي في حكم الانتهاء بالنسبة للفريق. رسالة تحمل في طياتها العديد من الإشارات للجهات المعنية بالبحث عن رئيس جديد قادر على تحمل الأعباء المالية والإدارية في ظل مخطط التطوير الذي ترغب الجامعة والعصبة في تنزيله لتكون الكرة المغربية على مستوى البطولة الوطنية قادرة على مواكبة حجم التحديات المرتبطة بالتنظيم المشترك لمونديال 2030.
يوسف أزروال .. رجل المرحلة الذي لا يحب الأضواء
يوسف أزروال قد يكون رجل الثقة الذي ستراهن عليه السلطات لتحمل المسؤولية. رجل محبوب لدى فئة عريضة من الجماهير ويحظى بالإجماع، لكن ما يحد ويقف عثرة أمام توليه هذه المسؤولية هي شخصيته نفسه. المقربون من أزروال يعرفون أن الرجل لا يحب الأضواء ويتجنب أن يكون في مواجهة الجماهير في شغفها وغضبها معا، وهو الذي يعرف هذه التفاصيل جيدا حين كان نائبا للرئيس الأسبق عبد المالك أبرون، وحتى داخل اللجنة لم يظهر أزروال وكأنه رئيسها الفعلي أو الماسك بسلطة القرار لكونه يؤمن بالعمل الجماعي بعيدا عن ضوضاء الإعلام.
السلم الاجتماعي الذي تسعى دائما السلطات إلى حمايته وضمان استقراره يتم إسقاطه على الجانب الرياضي أيضا. وهنا يظهر تدخلها وحرصها على ضمان استقرار الأندية الرياضية الكبرى، ولهذا السبب فانتخاب رؤساء الفرق لم يعد مرتبط بمخرجات الجموع العامة ورغبات المنخرطين. شروط عديدة أصبحت السلطات تضعها أمام المرشحين المفترضين ويجب الامتثال لها لتحمل المسؤولية، وأولها الثقة وإجماع الجماهير والقدرة على التمويل المالي حتى لا تتحول الأندية إلى عبء على السلطات التي يقتصر دورها في التدخل خلال الحالات العاجلة أو المستعصية.
هذه الشروط، تؤكد مصادرنا أنها جميعها تتوفر في يوسف أزروال. رجل أعمال ناجح يحظى بدعم السلطات ومتشعب العلاقات مع رجال الأعمال والشركات الاقتصادية وطنيا ودوليا، وعلى دراية بمجال التسيير الرياضي ويعرف خباياه جيدا، لكن مسألة رغبته من عدمها متوقف أيضا على النخبة التي ستشاركه تدبير أمور النادي حتى لا يقع في نفس حفرة الغازي حين وجد نفسه وحيدا في مواجهة أعاصير التدبير اليومي للنادي وإشكالاته المالية.
في انتظار عقد الجمع العام والتحضير له والإعلان عن موعده ستكون المشاورات خلف الستار قد بدأت فعلا في البحث عن الرئيس الجديد، لأن السلطات لا تقبل بالمفاجآت والأكيد أنها أيضا لن تسمح بالفراغ ولا بالمؤقت للموسم الثاني على التوالي.
