خدمة الصالح العام والدفاع عن قضايا المواطنين من داخل المجالس المنتخبة، نغمة مشروخة طالما صمت آذان الناخبين خلال الحملات الانتخابية، أو في الأيام التي يتحول فيها بعض المرشحين لحملان وديعة تستعطف الأصوات وتتغنى بالنزاهة ونكران الذات. لكن بمجرد الوصول لمنصب جماعي ومسؤولية في تدبير الشأن العام والمسك بزمام الأمور تزيل الحملان قناعها الحقيقي وتكشر عن أنياب الذئاب بحثا عن الانتفاع السياسي والاغتراف من المال العام كلما سنحت الفرصة وتحت أي غطاء وكيف ما كانت الوسيلة لتحقيق الغاية كما جاء عند مكياڤيلي.
جماعة تطوان ومجلسها المنتخب أصيب بلعنات منذ تنصيبه، حيث لم تمض أشهر على جلوس مستشاريه فوق الكراسي الحمراء الوثيرة حتى تفجرت فضائح من تورط بعضهم في جرائم مازال يحاكم على إثرها، وآخرون قضوا أشهر حبسية بخصوصها، وفضائح أخلاقية طاردت البعض الآخر، فيما انبرى آخرون وتجرؤوا على رئيس الجماعة في اجتماعات المكتب ولجان المجلس للدفاع عن مصالحهم الخاصة ولو على حساب المصلحة والمنفعة العامة. وهكذا وجد رئيس جماعة تطوان نفسه محاصرا بسلسلة فضائح من بعض أعضاء مكتبه المسير، ومكبلا بقيود التحالف مع أحزابهم والتي جعلته عاجزا عن اتخاذ قرارات صارمة بطلب عزلهم من المجلس.
المال العام ودعم المهرجانات واللقاءات الفنية والثقافية من طرف جماعة تطوان، أسال لعاب البعض من داخل المجلس وجعلهم يهرولون في كل الاتجاهات لأخذ مغانم كثيرة قبل انقضاء الولاية الانتدابية وحتى لا تكون نهاية ولايتهم بخفي حنين، مخافة عدم الرجوع مرة أخرى لنفس المكان والكرسي والمنصب بعد أن رحل رجال سلطة بتطوان كانوا يوفرون لهم الدعم بأكبر بقية في الانتخابات قصد تشكيل مجلس مهلهل وتحالفات هجينة على المقاس، وها هي المدينة ومجلسها يدفع ثمن ذلك.
حين يتحول فتح طريق عمومية من أجل الولوج لمشروع مدرسة خصوصية، وتسخير آليات الجماعة لفائدة مستشارة من أجل شق مسلك طرقي داخل قطعة أرضية متنازع عليها قضائيا بين الورثة، واستفادة جمعيات تابعة لمستشارين آخرين من دعم الجماعة لتنظيم أنشطة ثقافية وسهرات فنية ( يتحول ) لصداع مزعج في رأس رئيس جماعة تطوان والسلطات الوصية، وتجد معها المعارضة الفرصة لجلد الرئيس ومكتبه المسير وإثارة هذه المواضيع بين مقالات الصحافة المحلية والوطنية، فإن ذلك حتما ستكون له تبعات مستقبلية على صورة هؤلاء المنتخبين لدى الرأي العام وفي تقارير الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية وتثير التساؤلات كذلك بشأن مدى حرص السلطات على حماية المال العام من الاستغلال السياسي الذي يقع تحت يافطة تنازع المصالح داخل مجلس جماعة تطوان.
هكذا وعوض أن يؤمن المنتخب المفترض بتنازع المصالح في حق الإعلام بإثارة هذه المواضيع باعتبار أن الصحافة يكمن دورها بالبحث والتدقيق والتمحيص في قضايا الشأن العام وكوسيلة كذلك لحماية العام من شبهات الاستغلال السياسي، فإن هذا المنتخب يخرج وبدون أي حياء لتهديد الصحفيين أو ترهيبهم باللجوء للقضاء وكأنه سيف مسلط على رقابهم وليس أداة للاحتكام العادل بين المظلوم والظالم. بينما من المعلوم أن المتضرر ممن يحمل صفة الشخص ” المعنوي ” يحتم عليه الدفاع عن نفسه ببيان يفند فيه الادعاءات الواردة في مقال ما إذا كان فعلا يملك الدلائل القطعية بخصوص عدم تورطه في تلك القضية بدل استخدام لغة التخويف والترهيب التي عفى عنها الزمن في زمن الحق في الوصول للمعلومة.
مصطفى البكوري، الرئيس الذي وجد نفسه داخل هذه المعمعة المسيئة في كل جوانبها لمجلس جماعة تطوان ومكتبه المسير مطالب بالحد من العنتريات والضغوط التي يمارسها من يعتقد أن منصب المسؤولية يخوله تحقيق غايات شخصية بتسخير موارد الجماعة لنفسه أو جمعيته وبتهديد رجال الصحافة كلما نبشوا في فضائح تنازع المصالح، والصداع الذي يقض مضجع ” البكوري ” يلزمه ليس مهدأ لتخفيف الأوجاع بل جرعة قوية لإنهائه بشكل كامل.
